أمٌ لابنةِِ واحدة، انجبتها كآخر عهد لها من ذكرى زوجها الذي غادرها ليتزوج امرأة أخرى، بعيداً عنها وعن بنتها الصغيرة وهي مازالت في سنين الدراسة الابتدائية الأولى ..
لتبقى هذه العجوز هي الأب والأم معاً، تقارع شظف العيش بمفرها، وبكل ما أوتيت من ضعف وكِبَرِِ في السن، تأتي هذه العجوز كل أربعاء إلى هذا المكان (البوابة الشرقية لجامعة صنعاء الجديدة) تجلس على قارعة الطريق ويرافقها البرد القارس وقد افترشت الأرض بساطاً، تبيع قليلاً مما تصنعه يدها الضعيفة،ليس سوى مسابِحٌ هنا، وبعض اكسسوارات الزينة التي يبلغ سعر إحداها خسمون ريالاً فقط، جاءت لتبيعها على بنات الجامعة المارَّات من أمامها كل صباح أربعاء ..
اجرينا معها لقاء مستعجل بغرض التعرف عليها والإذن منها بالتصوير ..
وبعد أن تعرفنا عليها طلبنا الإذن بأخذ صورة لها إلا أنها في البداية رفضت قائلة : ” ياعيالي اني خايفة تصوروني ويرجعوا يجوا يشلوني من هانا “
وعليها ملامح الخوف والقلق لولا أن طمأناها ..
وبعد محاولة لإقناعها، سمَحَت لنا بتصويرها وهي تقول “ما اشتي من أحد مساعدة ولا حاجة، اشتي بس اجلس هنا اطلب الله على نفسي وبنتي وأبيع هولا “
حينها تذكرت قول الله تعالى في هؤلاء :
“يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَٰهُمْ لَا يَسْـَٔالُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ”
الجدير بالذكر ان هذه المرأة المكافحة طاعنة في السن وعلى مايبدو قاربت على السبعين خريفاً من عمرها ويملؤها الفخر والاعتزاز بهذا الكفاح وهي تقول ” اطلب الله هنا ولا اسير اشحت من خلق الله” في صورة مدرسة للكفاح تجسدها هذه الأم العظيمة التي تستحق منّا التعاون معها وبذل قاصرى الجهود لأنها وأمثالها فعلاً ممن
“لا يسألون الناس إلحافاً”
محمد الحمامي