الشيخ أحمد تركي يكتب: عفواً د زاهى حواس« لعلم المصريات رأى آخر»

تجادل الكثير من رواد السوشيال ميديا فى الفترة الأخيرة حول تصريحات الدكتور زاهى حواس والتى يقول فيها : أنه لا توجد أى آثار مصرية تدل على وجود الأنبياء فى مصر القديمة ؟! 

وكما العادة عند حدوث جدل فكرى يقوم العشرات من الأصدقاء على صفحتى بمطالبتى أن أكتب فى الموضوع ،، وخاصة بعدما استفزت تصريحات الدكتور حواس الخط العاطفى الدينى للمصريين وحملوها على إنكار ما جاء فى القصص القرآنى !! ،،، فتمهلت كى أتوثق من صحة تصريحات الدكتور حواس ، والظروف التى قيلت فيها ،،،، حتى استضافه عمرو اديب فى برنامجه الحكاية على قناة Mbc مصر ، وكانت تصريحات الدكتور حواس مع عمرو اديب فى منتهى العقلانية والوضوح والتبيان ، ولو أنه ذكر تصريحاته الأولى بنفس هذا النمط التبيانى ما حدثت كل هذه المهاترات على السوشيال ميديا ، حيث قال : أنا أؤمن بالقرآن وما جاءت به الأديان لكن أنا أتحدث لعالم آثار ، ولم يُكتشف من الآثار المصرية سوى 30 فى المائة فقط !! 

وظل فى داخلى سؤال فى غاية الأهمية ؟ لماذا يتعمد البعض استفزاز المصريين باللعب على الوتر العاطفى الدينى ومطبقين لهذا الأسلوب الرديء المتمثل فى عرض أفكاره العلمية فى إطار خصام الدين والعلم ومواجهة العلوم مع القرآن ؟ فيقوم المتدينون بعدها بالدفاع عن عقيدتهم دون أى اعتبار ،، فى نفس الوقت يحتفى بعض المثقفين بتلك الأفكار وتسويقها على أنها المنقذه من الضلال والجهل بأساليب المكايدة الفكرية إسقاطاً على كل ما هو دينى ؟!! 

 

وحقيقة الأمر أن تلك المواجهات الوهمية ما هى إلا وهم فى عقول البعض لا تمت للحقيقة بأى صلة !! 

فلا القرآن يوماً كان فى مواجهة العلوم والبحث العلمى ولن يكون ، وخاصة أن افتتاحه كان بكلمة إقرأ ، وختامه كان بسورة النصر 

وما بين كلمة إقرأ وسورة النصر التى أعلنت الانتصار على الجاهلية والجهل ، أنزل الله تعالى أربع آلاف آية تتحدث عن الكون ككتاب منظور وتطالب المسلم بالاندماج الكامل مع العلم للوصول إلى حضارة السلام والتعايش والرحمة والتقدم ،،، 

— وليس مطلوياً من علماء الآثار إقامة الدليل على صدق القصص القرآنى ؟! ولا يجوز فعل ذلك ،،، حيث ان الإيمان بالعقيدة أساسه الإيمان بالغيب وفق الآية الكريمة : 

” ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾. البقرة 3 

— ولا توجد مصلحة علمية أو وطنية تدعوا إلى استفزاز المصريين والتحريش بينهم بمثل هذه التصريحات !! 

— ومع ذلك فقد ظهرت بعض الدراسات الموثقة فى علم المصريات تؤكد أن مصر القديمة شهدت فترات اعتنق المصريون فيها التوحيد ، فضلاً عن أوجه التشابه بين طقوس عبادتهم لله الواحد وبين العبادات الإسلامية التى نؤديها اليوم ، وإن دل هذا فإنما يدل دلالة قاطعة على وجود أنبياء فى مصر القديمة حتى وإن لم يكن لهم نقوش آثار على المعابد !! ، وأن الوحى الإلهى نزل على أرض مصر أكثر من نزوله على أى أرض آخرى ،، نظراً لأوجه التشابه بين تلك الطقوس الدينية وبين العبادات فى الأديان السماوية ،،، 

فضلاً عن وجود جبل التجلي التى تعتبره الدولة المصرية أحد أبرز معالمها فى السياحة الروحية ،، ووجود مسار العائلة المقدسة والمعتمد رسمياً من الدولة المصرية كأبرز وأعظم مسار روحى ودينى فى العالم كله حيث قطع السيد المسيح وأمه سيدتنا مريم عليهما السلام آلاف الأميال من فلسطين إلى جبل المحرق فى أسيوط وعادوا فلسطين مرة أخرى فى زيارة يقدرها البعض بسنوات أربع.  

واسمحوا لى أن أستدل على ما أفضت به هذا بجزء من مقالى السابق فى مجلة السياسة الدولة عدد أكتوبر 2021   

وهو منقول عن عالم المصريات الدكتور نديم السيار.  

ففى كتابه ” المصريون أول الحنفاء ” 

‎ ذكر الأستاذ الدكتور نديم عبدالشافى السيار

 

‎أستاذ علم المصريات فى جامعة عين شمس ( 1946-2018)

‎الكثير من المعلومات حول المشتركات الدينية بين المصريين القدماء والدين الإسلامى 

 

‎ فكلمة «حنف» فى القواميس المصرية ، ولها صورة تفسيرية ” منقوشة على جدران المعابد ” إنسان راكع على ركبتيه ورافع يديه إلى السماء ، وكلمات هيروغليفية تقول

‎الخاضع للإله الواحد! . انتهى كلام د السيار

‎وهذا المعنى لكلمة حنف يتوافق مع معنى نفس الكلمة فى اللغة العربية وفى القرآن الكريم ، 

 

‎حيث يقول الله تعالى : 

 

‎”وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ” البينة : 5 

 

 

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل : 120].

 

وتدل كلمة حنفاء فى اللغة العربية على الميل عن الضلال إلى الاستقامة 

‎وذكر الدكتور السيار فى نفس الكتاب الكثير من الكلمات القرآنية المنبثقة عن اللغة المصرية القديمة!  

 

‎يقول فى نفس الكتاب ” كلمات : دين ، صوم ، حج ، ماعون ، حساب ، آخرة ، موت ، سقر ، ثواب ، كابا «كعبة» ، كلها كلمات مصرية قديمة ، وأن أجدادنا كانوا يصلون بعد الوضوء ، وكان لهم إمم أى إمام ، وكانوا يصومون ، ويحجون ، ويزكون.

‎: ويقول أيضاً عالم المصريات نديم السيار المصريون كانوا يتوضأون بنفس طريقة المسلمين حاليا وتبدأ بغسل الوجه والاذن والانف ثم اليدين ثم وضع القدم اليمنى فى إناء ماء ثم القدم اليسرى.

‎ ويستدل بقول والس بدج فى كتاب الموتى الفرعونى ترجمة د . فيليب عطية : أنه كان لابد من ستر العورة قبل الصلاة ثم يبدأ المصلى يولى وجهه ناحية قبلى ناحية قبر اوزير فى ابيدوس 

 

‎وكانت أوضاع الصلاة خمسة :

‎1- الأذان 2- وضع الوقوف مع وضع اليد اليمنى على اليسرى 3- وضع الركوع 4- وضع السجود 5- وضع القعود.  

‎ يبدأ المصرى بالصلاة ويقول : ” أيها الواحد الأحد.. الذى يطوى الأبد .. يا موجد نفسك بنفسك.. يا مرشد الملايين إلى السبل .. يا من يجعل الجنين يكبر فى بطن أمه .. لم أُلحق ضررا بإنسان.. ولم أتسبب فى شقاء حيوان .. ولم أعذب نباتا بأن نسيت أن أسقيه ماء .. بل كنت عينا للأعمى .. ويدا للمشلول .. ورجلا للكسيح وأبا لليتيم .. إن قلبى نقى .. ويدى طاهرتان ” .

‎”أقدسك ياسيد الكون بما يليق من كلمات بصلوات تزيد من عظمتك بأسـمائك العظيمة ومظاهرك المقدسة التي ظهرت بها في اليـوم الأول للعالم”.

‎”إني يا إلهي لم أجع ولم أبك أحدًا .. وما قتلت وما غدرت .. وما كنت محرضًا على قتـل”.

وبعد هذا العرض اليسير ، يطيب لى مناشدة العقول المصرية بأن تهتم بالتنوير الحقيقى ونشر الوعى في إطار التماسك المجتمعى بعيداً عن المكايدات الثقافية والفكرية والتى تحيد عن المنهج العلمى فى التفكير وعرض الآراء العلمية ،،، 

خالص التحية للدكتور زاهى حواس على عطائه فى مجاله ولكل عقل مصرى يُخدم على بلده بتخصصه دون مزايدة 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*