الشعور بالنقص والدافع إلى الكمال :بقلم ياسر العويسي

لاشك أن الاحساس بالنُّقص لدى الفرد هو ما يدفعهُ لِتبَنِّي منهج الإنتقاد السِّلبي ضدَّ من حوله و هي حالة نفسية تجعلُ الشخصَ يتلذَّذُ بِكسرِ طُموحِ غيرهِ و حشرهِ في زاويةِ الضُّعف و في الحقيقةِ هو من يُعاني مِن الضُّعف والعجز فيُحاوِلُ نقلهُما لِغيرهِ ولا يجدُ طريقةً أحسنَ من التقليلِ من قيمةِ الشخصِ والإستهزاءِ بكلِّ ما هو متعلِّقٌ بهِ حتى طريقةَ تنفُّسِكَ إنْ شاء انتقَدَها لِيُحِسَّ بالراحة بعدهَا لأنهُ جعلكَ تُحِسُّ ما يحِسُّهُ ويعيشُهُ هو ! لكنَّهُ َ في الحقيقةِ يُعدُّ مريضًا لأنَّ تمنِّي زوال النِّعم على الناس من أمراض القلب التي تُميتُهُ فيصدأُ ويفقِدُ سببَ وُجودهِ في هذه الحياة.

إنَّ سعادةَ الفردِ تكمنُ في قناعتِهِ بما يملِكْ و ماَلمْ يملِكْ والإيمان بأنَّ اللهَ هو الرازِق

ويُفسر علم النفس عقدة النقص على أنها شعور الفرد بوجود عيب فيه يُشعره بالضيق والتوتر ونقص في شخصيته مقارنة بالآخرين، ويظهر ذلك في الإنجازات التي يحققها الآخرون فيقوم الناقص بسلوكيات غريبة وغير متوقعة ليعوض النقص بشتى الطرق، ولعل أهم العُقد النفسية عقدة الحرمان العاطفي بسبب فقدان مشاعر العاطفة مما يؤدي بالشخص إلى الاكتئاب والانطواء والقلق وكره للناس وغيره، وعقدة الحرمان المادي والتي سببها الفقر أو عدم الرضا عن الحياة الميسورة التي يعيشها الفرد فتنعكس بالإسراف بشكل مبالغ فيه واستعراض المقتنيات والتفاخر بالإنفاق أو البخل الشديد، من العقد التي تصيب البعض عقدة التعالي والغرور وذلك للتغلب على شعور النقص الداخلي والضعف فتدفعه تلك المشاعر للمبالغة في الغرور والتعالي على الناس ومعاملتهم بدونية، عقدة الأنا المتضخمة والتي يُعبّر عنها الناقص بكثرة الكلام عن نفسه وإنجازاته دون أن يسأله أحد، ويُدخل نفسه في مقارنات مع الآخرين ليظهر نفسه الأفضل، ويسعى لنيل إعجاب فلان وعلان!

والشعور بالنقص ليس عيباً لأننا بشر ولم نُخلق كاملين فالكمال لله تعالى، وقد يعاني كل البشر من بعض النواقص في حياته التي قد يتأقلم عليها ويتعايش معها فلا تسبب له عقدة ضارة تحوله لشخص عدواني، والعكس صحيح، فالعُقد عندما تتمكن من بعض الأشخاص تحولهم إلى ذئاب بشرية يصعب التعامل معهم والتنبؤ بتصرفاتهم وردود أفعالهم.

ومما لا شك فيه أن تجارب الطفولة وتربية الأبناء وطريقة تنشئتهم غير الصحيحة هي المحرك الأول لبداية العُقد التي ستكبر معهم وتتحول لحالات مرضية، ولعل الإفراط في الدلال وعدم إعطاء الأطفال ثقتهم في نفسهم في الطفولة سبب لذلك والعكس صحيح فقد تولد القسوة العاطفية والمادية وكثرة عقاب الطفل العقد التي تهز ثقته بنفسه وتشعره بأنه شخص غير مرغوب وغير محبوب فينشأ الطفل خجولا وانطوائيا ولديه سلوكيات غير طبيعية،

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*